قد رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: («إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ القُرْآنِ يس، وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ) ولكن يعتبر هذا الحديث ضعيف إلى حد ما , ولكن يعتقد أن سورة يس هي قلب القرآن حيث أن القلب يعني اللب والخلاصة والمكون الأساسي , تم ذكر الحياة والموت فيها كما يتم قراءتها على الموتى لتخفف عنهم العذاب, تعتبر موطن الاعتقادات حيث ذكر فيها أحاديث عن يوم القيامة والبعث ,الحشر ,الجزاء والجنة والنار, يتواجد بسورة يس العديد من العظات , الحكم والأمثال العظيمة. فيما يلي سنتعرف عن أسباب نزول سورة يس , فضل سورة يس, لماذا سميت بهذا الاسم, القاب السورة الأخرى.
سورة يس من السور المكية أي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة, يبلغ عدد آياتها ثلاث وثمانون آية, يأتي ترتيبها في القرآن الكريم السادس والثلاثون, سورة فاطر هي الي سبقت سورة يس وجاءت يس مترابطة معها حيث ورد قول الله تعالى في سورة فاطر (لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ) وقوله تعالي ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ) والنذير هنا هو رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام, ثم ورد في سورة يس رسالة رسول الله عليه الصلاة والسلام وصدقها واستقامتها في قول الله تعالى (إِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ (3) عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ (4) تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ (5) لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ فَهُمۡ غَٰفِلُونَ( (6). تناولت سورة يس العديد من المعاني التي أتت في قصص القرآن الكريم وشملت التوحيد, الأمر والنهي , بيان من الحجج والبراهين في تصوير إحياء الأرض الميتة , تعاقب الليل والنهار, حركة الكواكب والأفلاك في مداراتها,مصير الكفار من عذاب شديد, تناولت قصة أصحاب القرية وما فعلوه للأنبياء و معاندتهم إياهم, قصة الرجل الصالح الذي دعا إلى اتباع الأنبياء .
بدأت سورة يس بحرفين مثل بقية السور التي بدأت بمقاطع مثل ” ألم, طه و غيرها من السور” , اختلف أسباب تسمية سورة يس بهذا الاسم فمنهم من قال إنها مثل القسم ومنهم من قال إنها إحدى أسماء رسول الله ومنهم من قال إن سورة يس معناه يا إنسان , تعددت المعاني ولكن الشئ الذي يلتفت إليه الكثير من المفسرين أن يس جاءت على سبيل التحدي والإعجاز لأن أهل مكة كانوا يتحدثون باللغة العربية ويتفاخرون بها فأتت لتأكيد عجزهم عن الإتيان بسورة مثله أو بكتاب مثل القرآن الكريم.
وردت أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن لقب سورة يس هي قلب القرآن ولكن جاءت لها ألقاب أخري منها:
عندما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتلوا سورة السجدة جهرا فقام إليه فرد من أفراد قريش ليسكتوا الرسول ولكن الله حمي رسوله الكريم حيث تجمعت أيديهم حول أعناقهم وعميت أبصارهم فلجأوا إلي رسول الله يستنجدون به ليذهب عنهم ما حل بهم , فدعا رسول الله صلي الله عليه وسلم لهم فزال ما حل عليهم ولكن لم يؤمن منهم أحد فأنزل الله سبحانه وتعالي قوله (يسٓ (1) وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡحَكِيمِ) إلي قول الله تعالي (وَسَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ ), قام أبو جهل بالتوعد بأن يفعل العديد من الأشياء عندما يري رسول الله صلي الله عليه وسلم فانزل الله سبحانه وتعالي ( إِنَّا جَعَلۡنَا فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ أَغۡلَٰلٗا فَهِيَ إِلَى ٱلۡأَذۡقَانِ فَهُم مُّقۡمَحُونَ (8) وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ (9) ) , جاءت كلمة السد هنا بمعني المنع من السير في طريق الهداية والحق, نزلت الايات السابقة 8, 9 بسبب أن مجموعة من بني مخزوم أرادوا أن يقتلوا رسول الله صلي الله عليه وسلم فجاء أحدهم وكان رسول الله في الصلاة فكان يسمع هذا الرجل صوت رسول الله ولكن لا يراه فقدم رجل أخر ويقال أنه أبو جهل فرأي جسما غريبا قادم عليه فخاف وعاد , وعندما أراد بنو سلمة الأنتقال من منازلهم إلي منازل قريبة من المسجد فقال لهم رسول الله أن آثارهم تكتب في منازلهم فأنزل الله سبحانه وتعالي قوله ( إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ (12) ) , وعندما تناول أحد المشركين عظمة وقام بتفتيتها وتسائل كيف يتم إحياءها أنزل الله سبحانه وتعالي قوله ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) ).