ولد عبدالرحمن الرافعى بحى الخليفه بالقاهره فى الثامن من فبراير عام 1889، والده الشيخ عبداللطيف بن مصطفى بن عبدالقادر الرافعى ، الذى كان يعمل فى سلك القضاء والافتا
وتولى تربيته بعد وفاة والدته وهو فى عمر الرابعه ، , تلقى عبدالرحمن تعليمه فى المدارس الحكوميه ،ففى عام 1895 التحق بمدرسه الزقازيق , ثم مدرسه القربيه الابتدائه بالقاهره , ثم مدرسه رأس التين الابتدائيه بالاسكندريه عام 1898بعدما انتقل والده ليعمل مفتيا فى المدينه ،وفى هذه المدينه قضى عبدالرحمن سنواته الدراسيه حتى حصوله على شهادته الثانويه عام 1904 .
انتقل بعدها الى القاهره والتحق بمدرسه الحقوق وانهاها عام 1908 وهناك كانت الحركه القوميه فى اوجهها فتاثر بافكار مصطفى كامل وانضم الى الحزب الوطنى بمجرد انشائه . .
لم يكن غريبا ان يفكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابة التاريخ فى اعقاب ثورة 1919، فتلك الثورة التى فجرت طاقات الابداع فى نفوس المصريين فى جميع المجالات بعد فترة ركود وياس انتابات الشعب بعد فشل الثوره العربيه .
فمن مسرح يوسف بك وهبى وعزيز عيد الى موسيقى محمد عبد الوهاب وسيد درويش ،ومن ادب طه حسين وتوفيق الحكيم الى نقد عبدالرحمن الرافعى وشفيق غبرال.
ولم تكن مصادفه ايضا أن تكن اولى محاولاته فى الكتابه عن سيره الزعييم مصطفى كامل (1874/ 1904) ليس فقط لان وعيه تكون عبر قراءات مصطفى كامل ومتابعته لمواقفه او لانه نشط كعضو فى الحزب الوطنى تحت رئاسه محمد فريد عام 1919 خلفا مصطفى كامل لكنه كان يعتقد بحق ان نضال مصطفى كامل هو الذى مهد لنشوب ثورة 1919
وما كاد يشرع فى الكتابه عن دور مصطفى كامل حتى اكتشف انه ليس الا دور من ادوار الحركه القوميه سبقته ادور وتلته ادوار وقاده ذلك الى الكتابه عن تاريخ الحركات القوميه فى العالم اجمع ، وانتهى به ذلك الى التوقف عند المقاومه الاهليه للحمله الفرنسيه واعتبرها اولى الشرارات التى اشعله جذوة حركه المقاومه الاهليه فى تاريخ .
بل لم يكتف بالتاريخ بل حرص على ان يوثق اسامى شهداء ثورة 1919، فطاف بالاقسام والمستشفيات لكى يعرف اسم اول شهيد للثوره واسامى باقى الشهداء وحصل على كشف باسامى الضباط الشهداتء فى حرب فلسطين عام 1948
يتناول هذا الكتاب عصر محمد على واستعانته بالعامل القومى الذى ظهر على مسرح الاحداث السياسيه ،وكان نتيجه للحركه القوميه ،فكانت ولايه محمد على بعد مناده وكلاء الشعب له لتعيينه واليا ،فكان عصر محمد على زاخر بالانجازات القوميه ققد تحقق فيه الاستقلال القومى ،وبناء الجيش المصرى ، والاسطول المصرى ، والثقافه المصريه .
ووضع اسس النهضه العلميه والاقتصاديه فى البلاد ، فهو عصر استقلال وعمران ، وكان الاستقلال المصرى ناتج من حروب طويله خاضها ابنائها دفعوا من دمائهم وارواحهم ثمنا لوحده الارض فى ربوع مصر والسودان ، و صحارى جزيره العرب ، وجبال كريت والموره ، وبطاح سورية ، والأناضول وفي قاع اليم بمياه اليونان، أو على سواحل مصر والشام .
فلا شك ان الجيل الذى خاض هذه المعاك هو الجيل الاكثر تضحيه ووفاء فى سبيل تكوين ونهضه مصر
فعلى اكتافه تم بناء الجسور ، وشق التراع وانشاء المدارس والمستشفيات والمعاهد بل ان الكثير من ابنائه دون اجر او جزاء فكان الالاف منهم يدفع حياته جراء السخره تحت وطاه الاعباء المضنيه ، فكان من غير تردد حكمت اعماله انه اكثر بذلا ومساهمه من جميع الاجيال المتلاحقه .
كان هذا الكتاب الرابع للرافعى ، والذى تناول احوال الاسره المالكه بالنقد فى الوقت الذى كان فيه الملك فؤاد اصغر ابناء اسماعيل يجلس على العرش ، ويولى اهتمام خاص بالكتابه عن والده وانصافه ، والذى اذا كان يعتقد بحق ان الكتاب الاجانب قد تجنوا عليه بسبب مقاومته للنفوذ الاجنبى ، وهى حفره استطاع فيها الرافعى ان يتفادها دون ان يختل فى يده ميزان العدل فى الكتابه عنه
فيقول الرافعى عن اسماعيل “انه كان بمقدروه ان يحقق نهضه لمصر كالتى حققتها اليابان لو ان شخصيته خلت من عيوبها”
بدأ الرافعى اصدار تأريخه الاول للحركه القوميه وهو فى الاربعين من عمره عام 1929 ، واصدر تأريخه الاخير وهو فى السبعين من عمره
لتكتمل مدونته التاريخيه فى 16 كتاب يتكون من 6500 صفحه وبين هذه الكتب ثلاثه صدر كل منها فى جزأ (تاريخ الحركه القوميه / عصر اسماعيل / ثورة 1919).
وكتاب صدر فى ثلاثة اجزاء ( فى اعقاب الثوره المصريه ) وكتابان يمكن اعتبار :-
اولاهما وهو (مصر والسودان فى اوائل عهد الاحتلال) هو مقدمه لكتابه عن مصطفى كامل ،
اما الثانى( مقدمات ثورة 23 يوليو 1952 ) فهو استكمال للجزء الثالث من كتابه ( فى اعقاب الثوره المصريه ) الذى يتناول عهد الملك فاروق.
فاذا اعتبرنا الكتاب متعدد الاجزاء كتابا يكون الرافعى قد أرخ للحركه الوطنيه المصريه فى 9 عنواين شملت تاريخ مصر خلال 160 عام من وصول الحمله الفرنسيه الى مصر 1798 الى تمام الوحده مع سوريا 1959 ، وفى شيخوخته اضاف الى تلك المجلدات عنوانا عاشرا ( كتابه تاريخ الحركه القوميه فى مصر القديمه من فجر التاريخ الى الفتح العرب ) ، وكتاب ( الثوره العرابيه) وكتاب (تاريخ المسأله الشرقيه ) ، (تاريخ الدوله العليا )
يؤخذ عليه الخلط الذى وقع فيه بين حروب محمد على بهدف التوسع ، او بهدف الدفاع عن الوطن .
وظل حتى النهايه يعتبر السودان جزء من مصر ،لان فتحتها باموال ودماء ابنائها ، وقد اثرت حزبيته على تقييمه للاشخاص ، فبالغ فى اظهار محاسن مصطفى كامل ، ومحمد فريد وبالغ فى التجنى على سعد زغلول واحمد عرابى.
توفى عبد الرحمن الرافعى يوم 3 ديسمبر عام 1966 بعد رحله طويله من وضع اسس التأريخ لتاريخ مصر وكفاح لا يقل اهميه بل يوازى الكفاح والمقاومه ضد المحتل.