الخديوى اسماعيل

ميلاده ونشاته :-

ولد الامير اسماعيل ثالث ابناء ” ابراهيم باشا ” ابن  ” محمد على  باشا” والى مصر فى 31 ديسمبر عام 1830 فى قصر المسافرخانه بالقاهره , وتلقى تعليمه فى المدرسه الخصوصيه التى قام بانشائها  “محمد على ” لتربيه الامراء اولاده الصغار واولاد اولاده.

فتعلم  “اسماعيل  ” فيها على يد نخبه من امهر الاساتذه  , مبادىء العلوم واللغات التركيه والعربيه والفارسيه , ونزرا يسيرا من الرياضيات والفيزيا , ولكن اصيب بمرض صديدى  الم جفونه  , و عجز الاطباء فى مصر على شفاءه منه ,  فارسل الى فيينا وهو فى الرابعه عشر للعلاج  , و لكى يربى فى الوقت نفسه تربيه  اوروبيه.

وبعد  تحسن صحته امر جده  “محمد على  ” بانتقاله الى المدرسه المصريه فى باريس , فانتقل اليها وهو فى السادسه عشر واستكمل تعليمه فى اروقتها  , وبرع على الاخص فى علم الهندسه  , وفنى التخطيط  , والرسم واتقن اتقانا تاما اللغه الفرنساويه والفيزيا والرياضيات.

ثم عاد الى مصر وكان والده ابراهيم باشا استلم سده الحكم  , واكنه  سرعان ما توفى بعد 3 شهور فقط من توليه السلطه , فتلقى منه ضروب الحكم وفنون الاداره  , وبسبب صغر سنه اوكل اليه ابوه باداره املاكه الخاصه  , فاقبل على تحسين الزراعه تحسينا ملحوظا زاد بها من محصوله الى الضعف  , واتم انشاء معملا لتكرير السكر على مثال المعامل الانجليزيه.

وعندما تولى ” عباس  باشا  ” الحكم فضل البقاء فى الاستانه خوفا من بطشه ,  لانه كان ضد توليه الحكم وانحاز لسعيد باشا فى احقيته به ,  وهناك احاطه السلطان  “عبدالمجيد  ” بعنايته وانعم عليه بالبشاويه  , وعينه عضوا فى مجلس احكام الدوله العلويه ولم يعد الى مصر الا بعد مقتل عباس وتولى محمد سعيد باشا الحكم.

, وقد انقذه القدر عندما دعاه  “محمد سعيد باشا  ” لحفله قد اقامها فلم يحضر لتعكر مزاجه  , و كان ذلك من حسن حظه لان العربه فى القطار  التى كانت تقل الامراء  المدعوين قد غرقت فى النيل ومن ضمنهم اخيه  الاكبر الامير احمد باشا , وبذلك اصبح ارشد رجال البيت العلوى  , وتولى الحكم وهو فى الثانيه والثلاثين من العمر .

 

ابناء وزوجات الخديوى اسماعيل:-

شفق نور هانم وأنجب منها ( الخديو توفيق ) , نور فلك هانم وأنجب منها( السلطان حسين كامل )  , فريال هانم  وأنجب منها الملك  (فؤاد الأول )  , صافيناز هانم , ملك هانم وانجب منها الامير  (حسن باشا  ) , جانانيار هانم وانجب منها  (الامير ابراهيم حلمى )  , الاميره زينب هانم , جهان شاه قادير وانجب منها  (الامير محمود حلمى )  , شهرت فازا هانم انجب منها الاميره (توحيده والاميره فاطمه ) , جهان قادير وانجب منها ( الاميره جميله فاضل )  , نشئه دل قادين وانجب منها ( الاميره امينه ) , بزم عالم , جشم افت هانم , حور جنان قادين وانجب منها  (الاميره امينه ), فلك نار قادين وانجب منها ( الامير رشيد بك ), الاميره جمال نور قادين التى انجب منها  (الامير على جمال باشا) .

 


انجازات الخديوى اسماعيل :-

كان اسماعيل يريد ان يضع اسمه فى سجل العظماء فى التاريخ الى جانب اسمى جده وابوه ويتم نعته باسم  “اسماعيل العظيم  ” , وصمم على تنفيذ  ذلك  وعدم الحياد عنه ,  وخاصه ان مصر قبله  كانت مفقوده المكانه لا يعرف حقيقتها الا النفر القليل  , ويظن اكثر العالم المتمدين انها لا تختلف عن اى دوله افريقيه  ,  وبعد ان تولى اسماعيل العرش لمده 16 عاما  اصبحت لمصر حكومه منسقه على نظام الدول الاوروبيه .

وكانت  قد وضع خطته لتنفيذ ذلك اعتمد فيها على ثلاث محاور :-

السير بمصر الى المدنيه الحديثه

الحصول على استقلالها السياسى بعيدا عن تبعيتها للخلافه العثمانيه

النهوض بها الى مصاف الدول العظمى

وكان يعلم ان اساس اى اداره جيده هو النظام و الاقتصاد  فى الماليه  , ولكى  يبدى دليلا محسوسا على نيته فى الاصلاح فقد قام بتقرير مرتب سنوى له , لم يتجاوزه ابدا , ليتمكن من تخصيص باقى الايرادات لاتمام شئون الزراعه والتى زادت مساحتها المزروعه من 1 -3 مليون فدان  , وتقدم الرى  , وشقت الترع ابرزهما ترعه الابراهيميه  , وترعه الاسماعيله , وشيدت القناطر , واقيم من الكبارى اربعمائه على ضفتى نهر النيل وفروعه , مثل كوبرى قصر النيل , وكوبرى الانجليز.

ومدت السكك الحديديه والاسلاك البرقيه حتى بلغت السودان , وانشئت المواصلات الضريبيه , واصلح توزيع الضرائب على اصحاب الاطيان , وانشئت شركت الملاحه , واصبحت موانىء الاسكندريه وبورسعيد والسويس تضاهى احسن موانىء السواحل الاوروبيه والبحر المتوسط  عملا وحركه .

اما عن قناة السويس :

انبهر الخديوى اسماعيل بفداحة المزايا التى نالتها الشركة النفذة للمشروع فى عقد الامتياز ، فسعى جاهدا الى تخفيف تلك المزايا ، وكان من هذه الوجهه اكثر مراعاة لمصلحة مصر من عمه سعيد باشا .

ويذكر عنه مقولته الشهيرة ( انى اريد ان تكون القناة لمصر ، لا ان تكون مصر للقناة ) وقيل انه فكر يوما ان يتولى بنفسه تنفيذ المشروع ، وبالفعل لو تحققت هذه الفكرة لكانت القناة ملكا كاملا لمصر ، الا انه لم يفعل ، وسعى جاهدا الى تغيير شروط الامتياز .

انتهى العمل فى حفر قناة السويس واتصلت مياة البحر الابيض بالبحر الاحمر فى نوفمبر سنة 1869 ، فكان العمل قد استمر عشر سنوات وبلغ طول القناة 164 كيلو متر ، وانشئت على شاطئها مدينة بورسعيد والاسماعيلية ، وافتتحت للملاحة يوم 17 نوفمبر سنة 1869 .

اما الفنون والمهن والصناعات المختلفه:

فقد انتعشت انتعاشا عظيما , وظهرت مدن القطر بمظهرا  جديدا فقد رصفت الطرق ,  واضيئت بمصابيح الغاز ووزعت بهما المياه , وانشئت الميادين والمتنزهات العامه  على غرار ميادين  وحدائق باريس, وازداد بهاؤها بالمبانىالعظيمه  مثل دار الاوبرا

و شيد من القصور والمساجد التى تضاهى ابداع ما انتج فن البناء فى عهد المماليك , بنيت عده مدن جديده اهمها الاسماعيله وحلون

اعيد تنظيم ادارات الصحه العامه وقد بقيت البلاد فى امان قدر المستطاع من الامراض والاوبئه,  وزادت معدلات التجاره 4 اضعاف عما كانت عليه من قبل والغى الالتزام الخاص بالجمارك .

اما التعليم :

فقد دفع دفعه قويه للامام انشئت المدارس على اختلاف انواعها منها مدارس الفتيات  , و ومدرس العميان  , و ومدارس الخادمات والتى انفردت بها مصر عن  دول بلاد الشرق كله  , وزودت المدارس الخاصه والاجنبيه بالتشجيع ورتبت لها الاعانات , وظلت البعثات المدرسيه الى البلدان الخارجيه تتوالى عليها , وصارت اللغه العربيه فى المصالح الحكوميه والمدارس الاميراليه  هى اللغه الرسميه بدلا من اللغه التركيه , انشئت مدرسه العلوم المصريه القديمه , ودار الاثار العربيه , ودار الكتب الخديويه فاصبحت كانها حلقه وصلت مصر الفراعنه بمصر العصور القديمه بمصر الحديثه.

الناحيه السياسيه :

تخلصت مصر من تبعيتها للدوله  العثمانيه بعد تعاقب الفرمانات التى خلصتها من القيود التبعيه ,  فتفككت هذه القيود ولم يبق غير امر الخراج  , واتخذ العزيز لقب الخديو بدلا من لقب ولى  , واصبح استقلال مصر استقلالا حقيقيه على الرغم من التبعيه الرسميه  , بدليل اشتراكها كدوله مستقله فى المعرض العام بباريس سنه 1867 , وترؤوس مليكها حفل افتتاح قناة السويس

بالاضافه انه تم القضاء على الرق والنخاسه وخضع السودان بالكامل الى سيطرت مصر التى امتدت للشاطىء الغربى للبحر الاحمر والمحيط الهندى  , حتى بلغت راس غاردافوى واصبحت مصر امبراطوريه عظيمه.

 


اسباب عزل الخديوى اسماعيل :-

على الرغم من الانجازات الكبيره التى حققها الخديوى اسماعيل فى عهده والنقله النوعيه  الى شهدتها مصر ,  الا ان سياسته الماليه كان احد اهم الاسباب التى دفعت الى تحالف السلطان العثمانى وقناصل الدول الاوروبيه وخاصه انجلترا الى عزله,  بعد تزايد مديونياته وعجزه عن سدادها نتيجه لسياسه البزخ والاصراف التى اتسم بها وقد بلغت ديونه حوالى 91 مليونا مما اضطر اسماعيل لقبول الرقابه  الماليه الانجلو فرنسيه وتدفق الاجانب على مصر لمراقبه خزينه الدوله والتحكم فى صادراتها وواردتها

لذلك أصدر السلطان فرمانه في 26 يونيو حزيران 1879 بعزل إسماعيل عن الحكم ، وتنصيب ابنه الأكبر محمد توفيق باشا على مصر .

وفى عام 1879 غادر اسماعيل مصر متجها الى نابولى بايطاليا بعد رفض السلطان العثمانى استقباله فى الاستانه ,  وبعد محاولات عديده وافق عبدالحميد الثانى على استقباله عام 1888 وظل فى منفاه لمده 16 عاما ولم يعد الا مصر حتى مات ودفن فى مسجد الرفاعى.

التعليقات مغلقة.