مائة كاتب وقارىء وحيد

ما اشبه الليل بالبارحه :

بعد نشوب ثورة 1919بدأت مصر تكتشف نفسها من جديد  ،وتفجرت طاقات الابداع فى كل المجالات  ،وخاصه الادبيه منها فظهر ادب العقاد وطه حسين  ،وانتعشت الحركه الثقافيه والفنيه بشكل كبير .

ولان التاريخ يعيد نفسه  فالاثار المترتبه على ثورة 25 يناير بأحداثها المعاصره لم تكن غريبه على العقل المصرى  ، فبعد اندلاع الثوره والمشاركه الشبابيه القويه ، بدأت حركه القراءه والتأليف فى الظهور والانتشار الواسع   , وظهر عدد كبير ومتنوع من الكتاب الشباب لم يكن موجود من قبل .
وتغير عقل القارىء المصرى  ، فلم يعد مجرد متلقى ،  بل اصبح ناقد ومؤثر وصاحب رأى ناضج ومنفتح على جميع انواع الكتب والاقلام المختلفه  ، وبسبب سهوله توفر الكتب و التواصل  اليسير بين القارىء والكاتب اصبح الكاتب يعلم علم اليقين

ان القارىء ليس ساذج يسهل خداعه  ،  وتغليف اى افكار فى صوره ادبيه  ، بل ان سرعه الرد والتعقيب على الماده المنشوره سرعان ما يصل صداها الى صاحب الكتاب دون زيف او مجامله  ،  فزادت الرقابه  ، واصبحت الكلمه لها مسئوليه اكبر يجب حساب اين تكون والى اين تذهب .

 

هل كل ما ينشر يستحق النشر :

قديما كان نشر الماده سواء كتاب او مقال صعب على الكاتب  وصاحب المحتوى ،  حتى ان نجيب محفوظ لم يستطع ان يخرج ثلاثيته الادبيه الى النور الا بعد 5 سنوات من كتابتها ،  لرفض دور النشر وقتها تحمل نشرها لضخامتها ، ولكن الان اصبح هناك غزاره فى دور النشر ووسائل لعرض .
حتى ان هناك كتب محتواها ضعيف فارغ من المضمون هدفها مواكبه موضه الكتابه  ، او الحظوه بمكانه اجتماعيه ، فتحقق شهره واسعه وضجه كبيره  ، فقط لان صاحبها يمتلك متابعين باعداد ضخمه وقدرته على التسويق كبيره.

و بالرغم من ذلك هناك كتب اخرى تملك من القيمه والفكر واللغه ويتم تجاهلها  ، ويعانى اصحابها من الرفض المستمر لان اسمهم مغمور ولا يستطيعون ان يحققوا ترويج عالى للكتاب  ، وبالتالى مكسب للناشر  ، وهذا التضاد بين غزاره دور النشر واشتراط شهره الكاتب  ، حول الرساله الى مهنه هدفها الربح فقط لا غير دون اعتبار لمقايس ادبيه او فنيه .

 

انتشار الكتًاب عيب ام ميزه :

فى راى لم اعتبر يوما ان انتشار الكتٌاب بهذا الشكل الواسع امر سيئا ، حتى ولو كان من سبيل الموضه او التجربه دون وجود موهبه اساسيه او محاولات سابقه.

فكل الكتابات والمحاولات حتى لو كانت دون المستوى تصب فى مصلحه القارىء والحركه الثقافيه بشكل عام  ، والقارىء فقط هو القادر على تفنيد وتنقيه ما يقدم اليه.

فمهما كانت كميه المعروض ما يبقى هو القليل المؤثر ، وصاحب القلم القادر على تقديم محتوى بناء ومفيد  يزيد الوعى ويثرى الثقافه  هو من يظل على الساحه ويعلق فى الاذهان  ، والعابرون سبيل على الكتابه دون موهبه حقيقيه ولا قدره على الاضافه فان اعمالهم هباء منثور لن تدوم طويلا مهما حققت من شهره وقتيه .

 

هل راى  القارىء معيار لموهبه  الكاتب :

فكره الخضوع الى الذوق العام  لم تكن يوما المقياس الاوحد  للحكم على الكاتب  ، لانها متغيره بتغير الازمنه.

اما الكتابه وفنها فهى واحده عابره للثقافات ورافعه لمستواها   ، من الجيد ان يكون هناك نجاح جماهيرى للكاتب ولكن ليس هذا دليل على ما يقدمه وربما ياخذ منه سنوات حتى يصل الى ذلك النجاح .

اما حقيقه تقييمه هو خضوعه لفكر ابداعى  تقدمى قادر على بناء امه  ، واسلوب ادبى وانشائى قادر على صياغه تلك الفكره وبلورتها.

وما يكتفى منه  فقط فى كل الاحوال هو تحقيقه لذلك الشغف وتلك المتعه الصادقه المتمثله فى حاله الفوران الدائم التى تترجمها الكتابه .

 

التعليقات مغلقة.