كتبت … ريم ربيع
مع كل حادث يتعلق بالكره يطلون علينا بأبواقهم الصارخه , معلنين تحريمها , وتحريم مشاهدتها , وتحريم لاعبها , وكأنهم يكرهون أى مصدر للسعاده والترفيه قد يخفف قليلا من قسوة الحياه على الشعب اليائس الذى لا يجد متنفس له الا فيها .
تجلى هذا بوضوح بعد أحداث بورسعيد الداميه ، والتى لا نعرف لها سبب ولا جانى الا الان , وراح ضحيتها اكثر من 70 قتيل من مشجعى النادى الأهلى , وكأن الفرصه قد واتتهم ودخل المجتمع فى نقاش غريب حاد ابتعد فيه عن السبب الحقيقى الذى أودى بنا إلى هذه الفاجعه , والمسئول الوحيد عن هذه الأرواح .
فأنطلق ممن يدعون أنفسهم شيوخ السلفيه ليبدأوا وصلة التحريم , ويعلنون أن هذه الدماء هى غضب الله علينا لأن اللاعبين يرتدون ما يكشف العوره ب3 سم فوجب علينا العقاب جميعا , ولأن المباريات تشغل الشعب المؤمن عن الجهاد فى سبيل الله .
ذلك الجهاد الذى حتما سبب تعطيله مباراة الكأس والسوبر , وليس لان هناك اسباب سياسيه وقتها قد ادت الى الغرق فى وحل الدماء لم ينتهى الى الان .
اثبتت نغمات التحريم الان ، والتى كانت تلقى قبولا واسعا وقتها فشلها المطلق ، وانها ليست سوى تراهات ناتجه عن عقول فارغه لم تفهم من الدين شيئا ولم تقترب من جوهره .
عندما تبخر كل هذا امام الانفعال الانجليزى الاخير المتاثر بقوه من اداء “محمد صلاح ” الفارض لموهبته على عقول ومشاعر اكثر الشعوب تعصبا ، فبغير إراده تغنوا له ولدينه “لو سجل صلاح مزيدا من الاأهداف سأصبح مسلما لأجله ” .
قد تبدو كلمات انفعاليه مؤقته لا يعول عليها كثيرا , ولكن لا يمكن انكارها ايضا , وتجاهل حقيقه ان الكره سلاح دعوى صامت له تاثير يتفوق بكثير على تاثير لحى تصل الى الصدور , وسبح لا تفارق الانامل , وصرخات متلونه بالايات تصم الاذان ولكنها لا تستطيع ان تصل الى القلوب فتغير صورة دين مظلوم عانى من جهل اصحابه اكثر من قوة اعدائه .
من العدل ان نقول ان الدين غير مسئول عن تصرفات صاحبه , ولا يتحمل زلات من ينتمى اليه , فالانسان فقط هو من يحاسب على سلوكه دون النظر الى خلفياته الدينيه .
ولكن فى وقت وضع الاسلام دائما فى موضع الاتهام , وكان الاكثر اثاره للشبهات فى المجتمعات الاوروبيه , فان الاعبون المسلمون خارج هذه القاعده , فهم تحت المراقبه المستمره وعليهم الحذر الدائم فى كل تصرف حتى لا يزيد الصوره تشويها وتقلل مسافات التباعد بين العالم الاسلامى والغربى .
وقد زادت فى السنوات الاخيره نسبه اللاعبون المسلمون الذين احترفوا فى الملاعب الاوروبيه , و اختلطوا بالجماهير فى المانيا وانجلترا وايطاليا وفرنسا.
وكان لهم تاثير بالغ على عقول الشباب المنبهرين بانجازاتهم وادائهم الكروى الرائع , منهم من امتلك سمعه سيئه وتورط فى فضائح تركت اثرها السىء على الجماهير المعجبه بادائه , ولكن الاغلبيه العظمى من اللاعبين المسلمين احتلوا مكانه كبيره فى قلوب الجماهير الاوروبيه , لانهم ضربوا امثله رائعه فى الالتزام الاخلاقى , الامر الذى اكسبهم الاحترام ذلك لانهم اصبحوا قدوه حسنه لمتابعيهم المراهقين الذىن قلدوا تصرفاتهم بشكل تلقائى حتى دون فهم بعض هذه التصرفات .
ذلك الاحترام بالذات هو اكثر ما يحتاجه الاسلام اكثر حتى من الايمان , فالاحترام يعنى الاقرار برقى المبادىء والمفاهيم الدينيه حتى من اشد الناس مخالفه له , وذلك الاحترام الذى كان بدايه الميلاد الثانى للرساله السماويه عندما دفع ملك الحبشه على إيواء المسلمين المهاجرين اليه حتى مع اختلاف الديانه .
فاذا كان هناك مقياس لمن اكثرهم دعوى الى الدين , فيكون اكثرهم على كسب احترام الناس لنفسه ولدينه .
وقد احتلت الثقافه الاسلاميه مساحه واسعه فى الملاعب الاوروبيه ,فقبل اغنيه جمهور ليفربول الانجليزى لمحمد صلاح كانت السجدات الشهيره للاعبون المسلمون عقب كل هدف يحرزونه , والتى اصبحت تقليد يتبعه الاطفال اثناء لعبهم فى حدائق “نيو كاسل ” .
وعندما رفض “يايا توريه ” لاعب “مانشستر سيتى” الانجليزى , الذى رفض الحصول على زجاجة خمر كهديه تكريما له كأفضل لاعب فى المباراه ,واجبر الاتحاد الانجليزى على استبدالها بمشروب للاعشاب , وعقب “توريه “بعدها فقال “انى اريد ان اقدم صوره رائعه ومشرفه للاسلام ”
وايضا رفض فريق “ليفربول ” الاحتفال بالشمبانيا داخل الغرفه بعد فوزهم بكأس الرابطه , حتى لا يتم رش الكحول على قميص طبيبهم المتدين , فى سابقه تدل على بدء تغيير الثقافه الانجليزيه واحترامها لما يتعارض معه الدين الاسلامى .
وان كان هذا ليدل ان الاسلام قادر على الغزو بما يتراعى مع مقتضيات العصر , فقط بحذاء رياضى وكره وقبلها اخلاق اسلاميه تحمل فى صميمها الرحمه والعدل .